mercredi

مواصلة قيس سعيد في السيطرة على القضاء و العبث بهياكل الدولة

 إيقاف القاضي حمادي الرحماني في تونس على خلفية تدوينة له يسلط الضوء على استمرار تدهور الوضع القضائي في البلاد، في وقت تشهد فيه تونس أزمة عميقة في استقلالية القضاء وحقوق القضاة. القرار الذي اتخذته السلطات التونسية ضد القاضي الرحماني جاء بعد نشره لتدوينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في انتقاد لقرارات معينة تتعلق بالحياة السياسية في البلاد، وهو ما يعتبره البعض جزءًا من حملة مستمرة ضد القضاة الذين ينتقدون السلطة.


هذه الحادثة تأتي في وقت حساس بالنسبة لتونس، حيث لا يزال الرئيس قيس سعيد يمضي قدماً في إصلاحات قانونية ودستورية تثير جدلاً واسعًا، خاصة فيما يتعلق بالسلطة القضائية. قيس سعيد، الذي يسيطر على مفاصل السلطة التنفيذية والتشريعية في البلاد منذ انقلابه على الحكومة السابقة في يوليو 2021، يواجه انتقادات متزايدة بسبب محاولاته لتركيز السلطة في يده، ما يعزز المخاوف من تراجع الديمقراطية واستقلال القضاء في تونس.

إيقاف القاضي الرحماني يعكس استمرار الضغط الذي تمارسه السلطة التنفيذية على القضاة والصحافة والمجتمع المدني، في سياق تحولات سياسية غير مستقرة. هذا الأمر يثير القلق من أن الحكومة التونسية قد تكون بصدد فرض مزيد من القيود على حرية التعبير والتنوع السياسي، وهو ما يعتبره منتقدو النظام تهديدًا لأسس العدالة وحقوق الإنسان في البلاد.

العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية انتقدت هذا التطور، ودعت إلى احترام استقلالية القضاء وضمان حرية التعبير في تونس، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات تُعدّ تراجعًا خطيرًا عن المبادئ الديمقراطية التي كانت قد تميزت بها تونس بعد ثورة 2011.


نظام بشار و تدمير سوريا


 


يعتبر النظام الذي يقوده بشار الأسد في سوريا يعد مثالًا صارخًا على الاستبداد والدكتاتورية الحديثة. منذ أن تولى بشار الأسد السلطة في عام 2000، خلفًا لوالده حافظ الأسد، ظل حكمه قائمًا على التسلط الكامل على مفاصل الدولة، معتمداً على أجهزة الأمن والجيش لقمع أي شكل من أشكال المعارضة أو الاحتجاج. رغم وعوده بإصلاحات سياسية في بداية عهده، إلا أن النظام سرعان ما كشف عن طبيعته الاستبدادية، ما أفضى إلى تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية في البلاد. ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، واجه النظام تلك المطالب بالتغيير بالعنف المفرط، مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية مدمرة أسفرت عن مقتل مئات الآلاف وتهجير ملايين السوريين. بفضل الدعم العسكري والسياسي من حلفائه الإقليميين والدوليين، 

واصل بشار الأسد تعزيز سلطته وسط تدمير واسع للبنية التحتية والإنسانية في سوريا، في حين بقيت البلاد تحت قبضته الحديدية، دون أي تقدم حقيقي نحو الديمقراطية أو احترام حقوق الإنسان.

في الأيام الأخيرة، شهدت مدينة حلب شمال سوريا تطورات ميدانية وأمنية مهمة، أبرزها تصعيد في الاشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة في المناطق المحيطة بالمدينة، إضافة إلى تصاعد التوترات بين تركيا من جهة والنظام السوري من جهة أخرى.


في 2 ديسمبر 2024، أفادت تقارير محلية بوقوع سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي من قبل قوات النظام السوري على بعض المناطق الواقعة في الريف الغربي لحلب، مثل الأتارب وكفر حمرة، التي تسيطر عليها فصائل معارضة. هذا التصعيد جاء في وقت حساس بالنسبة للأوضاع في الشمال السوري، حيث تم التركيز على تأمين طرق الإمداد الحيوية التي تربط حلب ببقية المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في غرب سوريا.


على الصعيد الإنساني، تم تسليط الضوء على تدهور الوضع في أحياء حلب الشرقية، التي ما تزال تعاني من أضرار جسيمة نتيجة الحروب السابقة، مع عجز في توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. في الوقت ذاته، تتوالى التقارير عن موجات جديدة من النزوح من بعض المناطق الواقعة على خط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة، خاصة في الريف الغربي والشمالي.


من جهة أخرى، أفادت مصادر دبلوماسية بتزايد الضغوط الدولية على النظام السوري من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية وتقديم تسهيلات للمساعدات الإنسانية، في ظل العقوبات الغربية المستمرة.


كما شهدت الأيام الأخيرة تصريحات متوترة بين النظام السوري وتركيا حول الوضع في الشمال السوري. حيث عبر المسؤولون السوريون عن استنكارهم للوجود العسكري التركي في بعض المناطق المحيطة بحلب، مؤكدين أن هذا التدخل يشكل تهديدًا للسيادة السورية. في المقابل، تسعى تركيا إلى تعزيز وجودها في المنطقة لمواجهة تهديدات جماعات كردية تابعة لـ "قسد"، التي تعتبرها أنقرة جماعات إرهابية.


بإجمال، الوضع في حلب يعكس استمرارية حالة التوتر، مع تصعيد ميداني ومحاولة من الأطراف المعنية لتحقيق مكاسب استراتيجية في المنطقة، بينما يبقى الوضع الإنساني في المدينة مأساويًا ويحتاج إلى استجابة عاجلة.